سورة الأعراف - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{وكتبنا له في الألواح} يعني: ألواح التَّوراة {من كل شيء} يحتاج إليه في أمر دينه {موعظة} نهياً عن الجهل {وتفصيلاً لكل شيء} من الحلال والحرام {فخذها} أَيْ: وقلنا له: فخذها {بقوة} بجدٍّ وصحِّةٍ وعزيمةٍ {وأمر قومك} أن {يأخذوا بأحسنها} أَيْ: بحسنها، وكلُّها حسن {سأريكم دار الفاسقين} يعني: جهنَّم، أَيْ: ولتكن على ذكرٍ منهم لتحذورا أن تكونوا منهم.
{سأصرف عن آياتي} يعني: السَّموات والأرض. أصرفهم عن الاعتبار بما فيها {الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق} يعني: المشركين. يقول: أعاقبهم بحرمان الهداية {وإن يروا سبيل الرشد} الهدى والبيان الذي جاء من الله {لا يتخذوه سبيلاً} ديناً {وإن يروا سبيل الغي} طاعة الشَّيطان {يتخذوه سبيلاً} ديناً {ذلك} فعل الله بهم {بأنهم كذبوا بآياتنا} جحدوا الإِيمان بها {وكانوا عنها غافلين} غير ناظرين فيها، ولا معتبرين بها.
{والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة} يريد: الثَّواب والعقاب {حبطت أعمالهم} ضلَّ سعيهم {هل يجزون إلاَّ ما} أَيْ: جزاء ما {كانوا يعملون}.
{واتخذ قوم موسى من بعده} أَيْ: من بعد انطلاقه إلى الجبل {من حليِّهم} التي بقيت في أيديهم ممَّا استعاروه من القبط {عجلاً جسداً} لحماً ودماً {له خوار} صوتٌ {الم يروا} يعني: قوم موسى {أنه} أنَّ العجل {لا يكلَِّمهم ولا يهديهم سبيلاً} لا يرشدهم إلى دينٍ {اتخذوه} أَيْ: إلهاً ومعبوداً {وكانوا ظالمين} مشركين.


{ولما سُقط في أيديهم} أَيْ: ندموا على عبادتهم العجل {ورأوا أنهم قد ضلوا} قد ابتلوا بمعصية الله، وهذا كان بعد رجوع موسى إليهم.
{ولما رجع موسى إلى قومه غضبان} عليهم {أسفاً} حزيناً؛ لأنَّ الله تعالى فتنهم {قال بئس ما خلفتموني من بعدي} بئسما عملتم من بعدي حين اتَّخذتم العجل إلهاً، وكفرتم بالله {أعجلتم أمر ربكم} أسبقتم باتَّخاذ العجل معياد ربِّكم؟ يعني: الأربعين ليلة، وذلك أنَّه كان قد وعدهم أن يأتيهم بعد ثلاثين ليلةَ، فلمَّا لم يأتهم على رأس الثَّلاثين قالوا: إنَّه قد مات {وألقى الألواح} التي فيها التَّوراة {وأخذ برأس أخيه} بذؤابته وشعره {يجرُّه إليه} إنكاراً عليه إذ لم يلحقه فَيُعرِّفه ما فعل بنو إسرائيل، كما قال في سورة طه: {قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألاَّ تتبعنِ...} الآية. فأعلمه هارون أنَّه أَنَّما أقام بين أظهرهم خوفاً على نفسه من القتل، وهو قوله: {قال ابن أمَّ} وكان أخاه لأبيه وأُمِّه، ولكنَّه قال: يا ابنَ أمَّ ليرقِّقه عليه {إنَّ القوم استضعفوني} استذلُّوني وقهروني {وكادوا} وهمُّوا أن {يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء} يعني: أصحاب العجل بضربي وإهانتي {ولا تجعلني} في موجدتك وعقوبتك لي {مع القوم الظالمين} الذين عبدوا العجل، فلمَّا عرف براءة هارون ممَّا يوجب العتب عليه، إذا بلغ من إنكاره على عبدة العجل ما خاف على نفسه القتل.


{قال ربِّ اغفر لي} ما صنعتُ إلى أخي {ولأخي} إن قصَّر في الإِنكار {وأدخلنا في رحمتك} جنَّتك.
{إنَّ الذين اتخذوا العجل} يعني: اليهند الذين كانوا في عصر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهم أبناء الذين اتَّخذوا العجل إلهاً، فأضيف إليهم تعييراً لهم بفعل آبائهم {سينالهم غضب من ربهم} عذابٌ في الآخرة {وذلة في الحياة الدنيا} وهي الجزية {وكذلك نجزي المفترين} كذلك أعاقب مَن اتَّخذ إلهاً دوني.
{والذين عملوا السيئات} الشِّرك {ثم تابوا} رجعوا عنها {وآمنوا} صدَّقوا أنَّه لا إله غيري {إنَّ ربك من بعدها} من بعد التَّوبة {لغفور رحيم}.
{ولما سكت} سكن {عن موسى الغضب أخذ الألواح} التي كان ألقاها {وفي نسختها} وفيما كُتب فيها: {هدىً} من الضَّلالة {ورحمة} من العذاب {للذين هم لربهم يرهبون} للخائفين من ربِّهم.
{واختار موسى قومه} من قومه {سبعين رجلاً لميقاتنا} أمره الله تعالى أن يأتيه في ناس من بي إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل، ووعده لذلك موعداً، فاختار موسى سبعين رجلاً ليعتذروا، فلمَّا سمعوا كلام الله قالوا لموسى: أرنا الله جهرةٌ فأخذتهم {الرَّجفة} وهي الحركة الشَّديدة، فماتوا جميعاً، فقال موسى: {رب لو شئت أهلكتهم} وإيَّاي قبل خروجنا للميقات، وكان بنو إسرائيل يُعاينون ذلك ولا يتَّهمونني، ظنَّ أنَّهم أهلكوا باتِّخاذ أصحابهم العجل، فقال: {أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} وإنَّما أُهلكوا لمسألتهم الرُّؤية {إن هي إلاَّ فتنتك} أَيْ: تلك الفتنة التي وقع فيها السُّفهاء لم تكن إلاَّ فتنتك، أي: اختبارك وابتلاؤك أضللتَ بها قوماً فافتتنوا، وعصمتَ آخرين وهذا معنى قوله: {تضل بها مَنْ تشاء وتهدي مَنْ تشاء}.
{واكتب لنا} أوجب لنا {في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة} أَي: اقبل وفادتنا، ورُدَّنا بالمغفرة والرَّحمة {إنا هُدْنا إليك} تبنا ورجعنا إليك بالتَّوبة {قال عذابي أصيب به من أشاء} آخذ به مَنْ أشاء على الذَّنب اليسير {ورحمتي وسعت كلَّ شيء} يعني: إنَّ رحمته في الدُّنيا وسعت البرَّ والفاجر، وهي في الآخرة للمؤمنين خاصَّةً، وهذا معنى قوله: {فسأكتبها} فسأوجبها في الآخرة {للذين يتقون} يريد: أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم {ويؤتون الزكاة} صدقات الأموال عند محلها {والذين هم بآياتنا يؤمنون} يصدِّقون بما أنزل على محمد والنَّبييِّن.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14